Friday, November 27, 2015

الإسلام بدون الحديث

11/28/2013 
 
كما تنبأ القرآن بأن يتم تفريق الدين ويكون هناك فرقاً وشيعاً [1] حيث تدعي كل طائفة بأنها تمثل الدين الحقيقي. وأنت ، أيها القارئ لهذا المقال، تتبع واحدة من هذه الطوائف وربما من المؤكد جداً أن تكون الشعائر التي تدرس في طائفتك حقيقية. وربما علمك شيوخ طائفتك أن أتباع طائفتك فقط - الذين يتبعون أوامر الشيوخ بشكل جوهري - سيمنحون الخلاص، بينما سيتم شواء الآخرين في نار مروعة تدعى الجحيم. وبدايةً يخوفونكم من الجحيم، ومن ثم يقولون لكم أن طريق النجاة هو عبادة الله، وأنهم المرجع الوحيد الموثوق به لتعلم كيف تكون العبادة - وكأن الله قد همس في آذانهم سراً بكل تفاصيل الشعائر الدينية. وربما قد أعد شيوخ الشعبة خاصتكم حزمة كاملة من الحجج لتبرير لماذا أنتم في حاجة للرجوع إليهم فقط  في كل واحدة من تفاصيل الشعائر الدينية. ولماذا الشعائر معقدة جداً ويصعب فهمها من قبل العباد العاديين. ولماذا فقط الناس الذين قد قضوا سنوات في دراسة هذه التفاصيل المعقدة وأصبحوا بالفعل احد الشيوخ يمكنهم أن يقولوا كيف تكون عبداً لله.
والنية من هذا المقال ليس التشكيك في صلاحية طائفتكم الخاصة ولا إنشاء طائفة أخرى. فالمستهدفون في هذا المقال هم مسلمون يحبون دينهم، ويخافون من النار، ولكنهم يتغذون أيضاً بشكل أعمى من اتباع شيوخ طوائفهم. وفي هذا المقال، نوضح وجهة نظر الإسلام والتي هي بسيطة بما يكفي لتكون مفهومة من قبل جميع المسلمين. وسيكون كل مسلم هو الآمر لأفعاله وأيضاً هو الشخص المسؤول عنها. ولا يوجد مكان للشيوخ ولا الحزمة المعقدة عن كيفية أن تصبح واحداً منهم.
في فترة الراحة، علينا أولاً أن نقدم تعريف بالإسلام البسيط ، والذي يرتكز فحسب على القرآن الكريم (وليس الحديث). وبعد ذلك نقدم الحجج الداعمة للإسلام البسيط. وبعد ذلك نشرح إيجابيات وسلبيات تجاهل الحديث في ممارسة الشعائر الدينية. وفي نهاية المطاف فهي دعوة للقارئ ما إذا كانت فوائد الإسلام البسيط تفوق سلبياته أم لا.

س۱. لإسلام البسيط

ويرتكز الإسلام البسيط على ثلاث مسلمات: الإيمان بالله، ويوم القيامة، والقرآن الكريم الذي أنزل على محمد (عليه الصلاة والسلام). والمسلم هو الشخص الذي يؤمن بهذه المسلمات الثلاثة، ويدرس القرآن لتحسين فهمه للأعمال الصالحة، ويجعل قرارات حياته وفقا لذلك.

 س۲. لماذا بسيط؟

بقدر ما يؤكد الإسلام البسيط على القرآن، بقدر ما يتجاهل الحديث. والسبب الرئيسي هو أن القرآن هو معجزة من الله، ونصه موثوق به. وللايمان بأن الكتاب الذي نقرأه الآن هو كتاب مقدس، فإننا بحاجة إلى عدم الثقة بأسلافنا الذين ورثنا منهم النص: فكل مسلم في أي قرن يمكنه أن يقرأ النص وأن يقرر ما إذا كان هذا النص معجز أم لا. ومن ناحية أخرى ، يعتبر الحديث مجرد مجموعة من الجمل التي تنسب إلى النبي، وبالتالي فهي أساساً جزء من التاريخ، ومصداقية تفاصيل التاريخ دائماً تكون موضع شك. ولكي نثق بالحديث، علينا أن نثق في أمانة الناس الذين نقلوه عبر القرون الماضية، ونثق أيضاً في مهارات مؤرخي الحديث، والمعروفون أيضاً بشيوخ وعلماء الدين. ويحتاج المسلم في الإسلام البسيط إلى قراءة كتاب واحد فقط وهو (القرآن) وهو جهد في متناول اليد لكل مسلم. ومن ناحية أخرى، يتطلب تعلم الحديث والمهارات المرتبطة به في المذاهب الإسلامية الحالية سنوات من الدراسة، وهي مهمة ثقيلة لا يطيقها المسلمون العاديون. وهذا من الناحية العملية يجعل الإسلام في أيدي مجموعة صغيرة من خبراء الحديث الذين يطلق عليهم الشيوخ الدينين، وهم لا يمكن الوصول إليهم من قبل الجمهور العام. وبالتالي فإن الجمهور العام ليس لديه خيار سوى اتباع الشيوخ بشكل أعمى تحت مسمى عبادة الله!

س۳. مزايا الإسلام البسيط

والميزة الرئيسية للإسلام البسيط هو بساطته. إن الدين البسيط (1) أقل عرضة للتحريف على مر التاريخ، (2) في المتناول بالنسبة لعامة الناس، و (3) هو أقل عرضة للإساءة من قبل الانتهازيين الذين يربكون العامة ويحتالون عليهم وذلك باتباع أوامرهم بحجة عبادة الله.
ثانياً، مع تجاهل الحديث، يبقى الإسلام بمعزل عن تاريخ الإسلام - أو بعبارة أفضل تاريخ المسلمين. وبعد ذلك يصبح من الممكن الدفاع بقوة عن الإسلام في القرن الرابع عشر من الهجرة دون الحاجة للدفاع حتى عن لحظة واحدة من تاريخ المسلمين وما فعلوه في الماضي: من إهمال لحقوق المرأة لمهاجمة الدول الأخرى بحجة نشر الإسلام. فإن معظم الانتقادات الحالية للإسلام هي في الواقع انتقادات لطريقة المسلمين في القرون الماضية، وليست لمسلمات الإسلام ذاتها.
ثالثا، إن المسلمين الذين يمارسون الإسلام البسيط يتحررون من أحكام الشريعة الإسلامية الغير معقولة والتي تنبع بشكل جوهري من الحديث والتي نسبت فيما بعد خطأً إلى الإسلام. فعلى سبيل المثال، إن لم يكن الكل، يؤمن أكثر الشيوخ بالردة: وقتل الشخص الشقي الذي يرتد عن الإسلام. وتم وضع هذه القاعدة من قبل الشيوخ في التاريخ لتهديد أو لتجاهل المفكرين الأحرار مثل ابن سينا. وتبدو هذه القاعدة سخيفة لأي شخص ذو فهم لأنه لو الديانات الأخرى تطبق نفس القاعدة أيضاً، إذاً فلن يتمكن أحد في أي وقت مضى أن يتحول إلى الإسلام أيضاً. فليس هناك ما هو أكثر سروراً للمسلم الذي يمارس الإسلام البسيط من حقيقة أن هذه القاعدة فضلاً عن قواعد مشابهة لها غير متوافقة مع القرآن ولها جذور في لا شيء إلا الحديث الهش الذي لا يمكن الاعتماد عليه.
رابعاً، لا يمكن للشيوخ إثارة المزيد من الخوف من النار لخداع الناس لاتباع أوامرهم – المضحكة أحياناً. فحالياً يوجد مسلمون يخافون من الجحيم ولا يسمحون بتصويرهم لأن الشيخ قد أصدر فتوى بأن التقاط الصور يعتبر ذنباً. وكمثال آخر، منذ وقت ليس ببعيد، أصدر بعض الشيوخ فتوى بأن استخدام جهاز تسجيل شرائط الفيديو يعتبر ذنباً، والذي تم التراجع عنه بهدوء لاحقاً.

س۴. عيوب الإسلام البسيط

الانتقاد الأول للإسلام البسيط هو أنه بسيط للغاية. فالإسلام البسيط لا يدخل في التفاصيل المعقدة عن كيفية إقامة الصلاة، ولا في كثير من الأحكام المرتبطة بها مثل (ا) ماذا تفعل إذا كنت في الصلاة ونسيت كم قد صليت بالفعل (نعم إنه يبدو مضحكاً) و (2) القواعد الكثيرة عن نظافة الجسم المتفق عليها عند الصلاة. وهذا يعتبر في تناقض حاد مع الإسلام الحالي الذي يمارس، حيث تعتبر هذه التفاصيل هي الأكثرية. وفي الطوائف الحالية للإسلام، يعتبر الإنسان المثالي هو الشخص الذي يتعلم تفاصيل الشعائر الدينية كما تدرس من قبل الشيوخ، ويؤديها على نحو صحيح. ومع ذلك، فإنه من غير الواضح كيف يساعد مثل هذا المستوى من التفاصيل الشخص الديني على اكتساب الروحانية والوصول إلى الخلاص. وفي الواقع، لم يتم إثارة هذا السؤال أبداً في المقام الأول لأن الشيوخ تعتبر حتى أصغر التفاصيل من الشعائر المحددة وكأنها أمر مباشر من الله.
في الإسلام البسيط ، المرجع الوحيد لنماذج الإنسان المثالي هو القرآن. ويستخدم هدي القرآن لإيجاد ما يدفع الناس نحو الإنسان المثالي ومن ثم الخلاص. والحقيقة هي أن القرآن يؤكد لمئات المرات على إقامة الصلاة وليس على تفاصيلها ويؤدي ذلك إلى حقيقة أن الشيء المهم في ضوء القرآن هو إقامة الصلاة ذاتها، أما تفاصيلها فقد تركت ليتم تنفيذها من قبل المسلمين في عصور وثقافات مختلفة. وليس هناك شك في أن توافق الصلاة المؤكدة مع صلاة المسلمين المحيطين وكذلك تشابهها مع صلاة رواد الكمال مثل محمد (عليه الصلاة والسلام) يعتبر تزيين للصلاة. ولكن تفاصيلها ليست هي المفتاح للخلاص وتترك ليتم تنفيذها بناءً على متطلبات الزمان والمكان.
وتأتي الموافقة على هذ الأسلوب من القرآن ذاته عندما يأمر المسلمين الذين يعيشون في وقت نزول القرآن ألا يسألوا عن التفاصيل التي لم توحى [2]. وعندما عصى الناس هذا الأمر، وسألوا عن التفاصيل [3،4،5،6]، فإذا بنا نشهد أكثر التفاصيل المملة حول الميراث، الخ. إن فهم الإسلام البسيط ، والذي هو متوافق مع القرآن، هو أن الله قد نزل القرآن كمبادئ توجيهية عامة في الدين وترك التفاصيل لأهل كل زمان ومكان ليتم تنفيذها بناءاً على ثقافتهم الخاصة بهم وفهمهم الخاص للعالم.
الانتقاد الآخر للإسلام البسيط هو أنه من خلال ترك التفاصيل للأفراد، ستكون هناك فرصة للنفس الأمارة بالسوء (أي الشيطان بالداخل) للتدخل. بهذه الطريقة، وتقود النفس الأمارة بالسوء المسلم لتنفيذ التفاصيل التي تكون أكثر ملاءمةً أو اشباعاً للرغبات الشريرة. ورداً على ذلك، أن الجدير بالذكر أن النفس الأمارة بالسوء لديها آلاف الطرق لتطفو على السطح والتدخل في حكم الشخص، فيمكنها الاستفادة من العديد من الثغرات الدقيقة الموجودة. وإن فتح أو إغلاق باب لا يؤثر على وجود النفس الأمارة بالسوء. وعلى الرغم من ذلك، يمكن للمسلمين التعبير عن فهمهم للأعمال الصالحة ومشاركتها مع أقرانهم، الذين يمكن لملاحظاتهم أن تساعد في الكشف عن مستوى تدخل النفس الأمارة بالسوء. ومن غير الضروري أن نذكر أنه كلما كان الأقران أكثر تنوعاً كلما كان من المحتمل لملاحظاتهم أن تكشف عن الأخطاء.

الخلاصة

في هذ المقال، قدمنا الإسلام البسيط ، والذي يرتكز على القرآن بدلاً من الحديث. وقد أوضحنا أن تجاهل الحديث قد يؤدي إلى القضاء على الشيوخ في ممارسة الشعائر الدينية ويحرر المسلمين من عبودية شيوخهم المحليين. وستختفي الكثير من القواعد الغير معقولة التي تتعلق بالجسد الجريح للإسلام (الردة على سبيل المثال) تلقائياً بسبب مثل هذه التفسيرات الغير منطقية سواء من الحديث أو تاريخ المسلمين الغير مبرر تماماً.
اقرأ المزيد من المقالات هنا

  1. مِنَ الَّذِينَ فَرَّ‌قُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِ‌حُونَ ﴿٣٢
  2. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْ‌آنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّـهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ‌ حَلِيمٌ ﴿١٠١
  3. وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ ۖ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْ‌غَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ‌ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ﴿١٢٧
  4. يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ ... ﴿١٧٦
  5. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ ... ﴿١٨٩
  6. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ‌ الْحَرَ‌امِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ ... ﴿٢١٧
الترجمة من قبل: سام لویس

No comments:

Post a Comment